جميعنا سيقدم الهدايا اللطيفة لأمهاتنا متمنين لهن حياة سعيدة ودوام الصحة والعافية،وهذا بالطبع عمل عظيم ولا أختلف مع الجميع عليه ولكن، ماذا قدم جيلنا حقاً لكل إمرأة مصرية غير الهدايا المادية ؟ أتستحق أمي فقط حافظة نقود وأواني للطبخ؟ أحقاً سنرضى بتمرير قوانين ستعيد المرأة للوراء ١٠٠ عام وأكثر؟
نشأت وأنا أرى أمي مشاركة لأبي في كل شئ، المال،أعمال المنزل والتربية، لم أشك لحظة في ذكائها وقدرتها على اتخاذ القرارات دون الرجوع لأحد، وأعتقد أن جميع الأمهات المصريات هكذا.
فهل سنرضى أن يتدخل ذكر في العائلة لفسخ عقد الزواج لمن تختاره المرأة المصرية التي ستكون أماً في المستقبل ؟ هل أقبل أن يتنكر أبي لأمي بعد كل تلك السنوات من الدعم والمشاركة ليتزوج بأخرى؟ لماذا نرضى كل هذا الظلم لأمهاتنا وأمهات المستقبل؟ لا تخبرني ان الرجل يحق له الزواج ان كانت والدتك مريضة ، فماذا يعني الزواج ان كان نهايته هو تركي وحيدة أعاني.كفى التشدق بكلام إن تم تطبيقه إجتماعياً سيتأذى الجميع وأولهم ست الحبايب التي ننهض جميعنا لتقديم الهدايا لها في مثل هذا اليوم ، بينما أثمن ما يمكن تقديمه لأمي وكل أمهات مصر هو الكرامة،المساواة،العدل. اذا تم قبول مسودة قانون الأحوال الشخصية الجديد فالأم لن تملك الولاية القانونية على أبنائها ، وستفقد الأم حضانة أبنائها لمجرد الزواج برجل آخر بعد الطلاق ، فهل أحد منا يرضى أن يتربى مع الجدات والاعمام ويحرم من امه في حياتها؟
الزواج مشاركة
"لا يُمْكِنُ للرجل ان يتحرر الا بتحرر المرأة ، ولا يمكن للمجتمع ان يرتقي الا بتحرر وارتقاء أكثر فئاته غُبنًا ، فالارتقاء اما ان يكون جماعيًا عاماً ، او هو مجرد مظاهر و أوهام." مصطفى حجازي.
![]() |
ظللنا لعقود غير مبالين بما يحدث في الزواج المصري، نتحدث عن تكريم المرأة ودور المرأة العصرية في خدمة المجتمع لكن لايزال يحق للزوج فقط ان يتخذ هو قرار الطلاق ويتخذ طريقته في التطليق سواء أن كان شفهياً أم غيابياً، ورغم ما وصلت إليه أمهاتنا من تعليم ومناصب وظيفية وإجتماعية هامة الا أن قوانين الطلاق مازالت ترى الهيمنة للرجل.
وإمعاناً منا في تكبيل المرأة فإننا مازلنا نقبل الزواج بتوكيل الأب أو أحد ذكور العائلة رغم بلوغ الفتاة السن القانوني ، فكيف أستطيع إبرام عقود العمل والبيع والشراء ولا يمكنني إبرام عقد زواجي دون الرجوع لرجل.
حضانة الطفل
"الأمهات إن عقدن العزم قادرات على أن يكن شافيات وأن يحققن المعجزات، ولا شك في هذا الكلام ابداً" علي القائمي.
لعل جميعنا يدرك كم تعاني الأم المصرية من أجل توفير حياة كريمة لأبنائها مادياً ونفسياً، بينما في حال وقع الطلاق فإن الأم ستفقد حضانة أبنائها لمجرد أنها أرادت الزواج ثانية. أهذا يعقل؟ ولذلك تقبل الأمهات كل أنواع الأذى النفسي والجسدي من الأب حتى لا تفقد أبنائها اذا قررت الطلاق، وفي نهاية الأمر نكبر نحن ونشتري لها هدية عيد الأم ظناً منا انها ستفرح لكن هل سترمم الهدية عقوداً من الألم والمهانة للحفاظ عليك بقربها؟ في إعتقادي انه لا أحد منا يرضى ذلك لأمه.
تعدد الزوجات
جميعنا يعتقد أن التعدد حق شرعي للرجل في المطلق، لكن ربما الأمر ليس كذلك حتى من منظور ديني، فالتعدد كان محكوماً بزمن وظروف إجتماعية وإقتصادية إقتضت الضرورة ذلك، فالنساء وقت نزول الآية يتركن بأطفال أيتام بلا مأوى فالمرأة لم تكن في المجتمع العربي القديم تعمل وتتكسب وتربي أيتاماً بمفردها، الآن يكرم السيد الرئيس كل عام الأم المثالية والتي في الغالب أماً لأيتام متسلحة بعلمها ووظيفتها لتربيتهم وهذا ما فقدته الأم العربية في الماضي، فلا حاجة لنا الآن بالزواج من رجل يتكفل بنا وبأبنائنا الأيتام بينما الأصل في الزواج في جميع الثقافات والأديان هو " رجل واحد لامرأة واحدة". سيسبب تطبيق التعدد الآن أذى كبير في المجتمع الحديث ولن نجني منه سوى تدمير الأسرة وتشريد الأطفال وإفساد لطبيعة الزواج الذي يقتضي المودة والرحمة والمشاركة في السراء والضراء. هذا القانون في الوقت الحالي وبما وصلت إليه المرأة الآن يعد إهداراً لكرامة الأم المصرية.
الولاية حقي
وأد البنات عادة عصرية أكثر منها جاهلية.. صرنا نئد أرواحهن دون أجسادهم
.
دشنت المرأة المصرية هاشتاجاً على مواقع التواصل الإجتماعي يسمى #الولاية_حقي ويتضمن هذا الهاشتاج قصصاً لأمهات لا يستطعن استخراج شهادة ميلاد أو نقل أبنائهن من مدرسة لأخرى دون وجود الأب، فالأم أمام القانون غير كاملة الأهلية ولا يعتد بكلامها وولايتها على أطفالها قانوناً حتى وإن كانت هي التي تنفق أو تشارك في النفقة على الأبناء. ولذلك أرى أن أعظم هدية يمكن تقديمها في عيد الأم أن نسترد ولايتنا على أنفسنا وأطفالنا وأن نجبر القانون أن يرانا نساء كاملات الأهلية مسؤولات أمامه كالرجل تماماً.الغريب في مسودة القانون الجديد هو إعطاء الحق لأى ذكر في العائلة فسخ عقد زواج الفتاة من الرجل الذي إختارته بإرادتها الحره، وهذا أيضاً يجعلنا كائن لا يعتد به في نظر القانون.
ختاماً: لا أريد إغداق أمي بالورود وأدوات المطبخ فهى أكبر من ذلك بكثير، فقط أريد حقها وحقي في الولاية على أنفسنا وأطفالنا، فنحن نستحق ذلك بجدارة. دعوني أقولها للرجال: هذه القوانين المقترحة تخدم أمراض بعض الذكور اللذين لا يملكون السيطرة على حياتهم الشخصية وإنجازاتهم في الحياة، ذكور تائهون يعانون آلام السلطة الأبوية،العنف الأسري،إحباط الواقع وفقدان الأمل في مستقبل أفضل. فمن السهولة ترميم أناه الزائفة بالسيطرة علي حياتنا كنساء.
Social Plugin